عقبة نيوز
موقع إعلامي يمني جنوبي، يُعنى بمختلف شؤون الواقع المحلي الجنوبي بوجه خاص، والشأن العربي والدولي عامة.

عهدٌ.. ووعد..! 

بقلم/ محفوظ ناصر

أحسب والله أعلم أن من البقايا المتوارثة للتأثيرات التركية في اللهجة المصرية اضافتهم جاءً وياءّ لبعض المهن والوظائف فالاسكافي الذي يقوم بإصلاح الجٍزم ينادونه”جزمجي”، وبائع الكباب “كبابجي”

 من يعمل بالصحافة “جورنالجي” ومن يقتات من عربية حماره ينادونه “عربجي” والمدمن الخمر “خامورجي” والثرثار البذئ الصليات في حديثه “مدفعجي” ومن يبيع الفراخ “فرارجي” وكل واحد من هؤلاء وسواهم من الأسوياء أصحاب المهن والحرف الشريفة يعتزون كما يعتز بهم غيرهم لاسيما وأنهم يكسبون قوتهم من عرق جبينهم. وحتى إن ارتقوا وظيفياً أو اثروا مادياً لا يرون غضاضة من الحديث عما كانوا يمتهنون أو يحترفون،إن كانوا هم أو آباءهم.

خذ مثلاً الزعيم الخالد جمال عبدالناصر كان والده عبدالناصر حسين “بوسطجياً” يعني ساعي بريد وكان إبنه الذي أصبح رئيساً من أشد المعجبين برواية توفيق الحكيمالتي اسماها “البوسطجي” ثم أصبحت فيلماً سينمائياً من بطولة شكري سرحان..!

هذا إلى جانب إعجاب أبو خالد بأغنية طريفة راجت أواخر أربعينيات القرن الميلادي الماضي وربما بواكير خمسينياته، كتب كلماتها أبو السعود الابياري وصاغ لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وغنتها المطربة رجاء عبده. ولأن الأغنية كانت محبوبة مرغوبة لدى مستمعي الإذاعة المصرية ومن ضمنهم عبدالناصر طبعاً، كان لا يمر يوم دون بثها غير أن ناصر وسواه من المستمعين جاء عليهم وقت حين أصبح عبدالناصر رئيساً أحجمت فيه الإذاعة عن بث الأغنية، فإتصل الرئيس يستفسر عن السبب فاتضح له أنه ما من سبب موضوعي سوى الخشية من أن يرى في ذلك غمز ولمز لمهنة والده. ومن يأخذ الأمر بشيئ من الحساسية.

وهنا ضحك عبدالناصر وأوضح لمحدثيه أنه يعتز بوالده وبوظيفته “بوسطجي” التي عمل بها ولا يزال حتى بعد أن أصبح إبنه رئيساً. وأمر ببث الأغنية في توقيتات يحبذ أوسع قطاع من المستمعين الإستماع للأغنية والاستمتاع بسماعها فيها.

وهي موجودة على اليوتيوب وبأكثر من صوت ولهذا سأكتفي بالكوبلية/المقطع الاستهلالي منها:

البوسطجيه اشتكوا من كثر مراسيلي/ وعيوني لما بكوا ذابت مناديلي/ وروح يا قمر والنبي ع الحلو مسي لي..

وباعتباري من المفتونين حد الهوس بأدب الرحلات فاعجابي بلا حدود بأديب طبيب اريب يعد من ابرز مبدعي القصة القصيرة في العالم العربي وثمة من يراه يوسف ادريس الثاني وهو من خيرة الكتاب المعاصرين في أدب الرحلات وهو على الرغم من تخصصه طبيباً للأمراض العصبية والنفسية غير أنه منذ العام 1993هجر الطب وتفرغ للعمل بالصحافة الثقافية محرراً بمجلة العربي الكويتية ومستشاراً لتحريرها وقد اتحفها بعشرات الاستطلاعات الشائقة الممتعة التي تُركت لها حرية إختيار أماكنها فكانت أول رحلاته لجنوب أفريقيا نهايات نظام الابارثيد فيها وكان أول من كتب ريبورتاجاً مصوراً عن تشير نوبل في أوكرانيا ويقول عنه عارفوه أنه متواضع إلى أقصى الدرجات. وسليل عائلة يبدو أن كبيرها كان ممن يعلمون بالمخازن فحملت لقب “المخزنجي” ومنها الدكتور الأديب الطبيب الاريب محمد المخزنجي”من مواليد المنصورة 1946م وربما 1950″ وكما أن هذا يعتز ويفخر بلقب العيلة كذلك زميلنا وأخونا ناجي بن صالح شوكة فهو على الرغم من سعة إطلاعه وتوقه الدائم للاستزادة المعرفية فضلاً عن مناقشاته المثمرة وكتاباته المفيدة الثرية وقبل كل هذا سمو أخلاقه وأدبه الجم،على الرغم من كل هذا فإن مما ما يعجبني فيه هو اعتزازه بالفترة التي امضاها حتى 2016م مديراً عاماً للمخازن والأصول “كبير المخزنجية” بالمؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون وحديثه بثقة عن أيامه فيها..!

وعهد علي ووعد مني أنه إذا ما استحدثت ذات يوم وزارة للأصول والمخازن أن استحضر شيطان شعري وانشئ معارضة لأغنية الابياري استفتحها ب:

المخزنجيه اشتكوا من ثُقل كراتيني..

وايديا لما ارتخوا بوسروا مجانيني..

وتعال يابدر لوحدي والنبي لاتخليني..

والبقية يوم تصبح للأصول والمخازن وزارة على رأسها “شوكة”..!

قد يعجبك ايضا