لماذا يستصعب التحالف السعودي إيقاف عدوانه على اليمن..؟
بقلم/ شارل أبي نادر
مع إنتهاء العام الخامس وبداية العام السادس من العدوان على اليمن، لا يبدو أن هناك قراراً حتى الآن لدى تحالف الدول التي أعلنت الحرب لوقفها.. صحيح أن الأخيرة تقدمت بأكثر من عرض لوقف إطلاق النار، ولكنها بقيت جميعها دون المستوى الجدي والصادق والعملي الذي يمكن أن يشكل أرضية صالحة لكي يتجاوب معها الجيش واللجان الشعبية اليمينة، إذ كانت تلك العروض بأغلبها محاولات للقفز فوق خسائرها الميدانية أو محاولات لاستعادة الأنفاس والانطلاق باعتداءات لاحقة.
أصبح واضحاً اليوم أن أي متابع للوضع العسكري الميداني أو الوضع العسكري الإستراتيجي، لم ولن يجد، ومن خلال نظرة تحليلية موضوعية، أي إمكانية لتحالف العدوان بأن ينتصر في هذه الحرب.. فالميدان الذي سيطرت عليه وحدات العدوان ومرتزقته بداية الحرب، بدأ يتلاشى وينحسر يوماً بعد يوم، ومعارك الشرق الثلاث الأخيرة؛ “نصر من الله” في نجران، و”البنيان المرصوص” في نهم والحزم، و”فأمكن منهم” في الجوف ومشارف مأرب، هي خير دليل على خسارة العدوان جميع نقاط الارتكاز التي كان من الممكن أن تؤمّن له قواعد إنطلاق للسيطرة والتقدم واحتلال مواقع يمنية داخلية.
أيضاً، ومع تطور فعالية الأسلحة النوعية الإستراتيجية التي امتلكتها وحدات الجيش واللجان الشعبية ووحدات أنصار الله، من صواريخ باليستية وطائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي، حيث برهن السلاح الأخير عن فعالية متقدمة في حماية الأجواء اليمنية من قاذفات العدوان وطوافاته ومسيّراته، مع هذا التطور في القدرات الإستراتيجية، خسر العدوان كل إمكانيات الإنتصار، وباتت متابعة الحرب بالنسبة إليه أشبه بسراب، تضيع معه جهوده وقدراته ومكانته من دون نتيجة.
أمام هذا العجز في تحقيق أي إنتصار عسكري للعدوان، وأمام إستحالة حصول أي تغيير ميداني على الجبهات، أو سياسي لناحية مواقف قيادة الجبهة الوطنية في صنعاء، والتي يبدو أنها تثبت أكثر فأكثر، يوماً بعد يوم، وحيث لم يعد أمام العدوان، الذي تمثل السعودية رأس حربته، إلا إيقاف الحرب بشكل جدي والبحث عن تسوية أو مخرج ينهي العدوان، فلماذا تتهرب السعودية من إتخاذ هذا القرار الذي لا مفرّ منه؟ وما هي تداعيات إنسحابها من هذه الحرب الآن..؟
في الواقع، هناك الكثير من الأسباب الّتي تضع السعودية في موقف من يخشى أو يستصعب وقف الحرب الآن، والتي يمكن تحديد أهمها بالتالي:
أولاً: معنوياً..!
سوف تجد المملكة في وقف الحرب على اليمن الآن، مع النتائج العديمة القيمة لناحية الأهداف التي وضعتها، والتي لم تصل إليها، ضربة معنوية لموقعها ومكانتها الداخلية والإقليمية، إذ تطرح نفسها إقليمياً دولة أساسية في الساحتين العربية والإسلامية، وستكون بموقع لا تحسد عليه بعد إنسحابها من الحرب من دون تحقيق أي هدف وضعته، وخصوصاً بعد إعلانها أهداف عاصفة الحزم في بداية العدوان، وأيضاً ستكون مرغمة على القبول بما لم تكن تقبل بدايةً النقاشَ فيه حتى.
ثانياً.. ماذا يربح اليمن..؟
في أي وقف للحرب الآن، وبشروط عادلة وواقعية تمثل حقيقة الموقف الميداني والعسكري والسياسي، سوف تفرض الجبهة الوطنية في صنعاء (الجيش واللجان وأنصار الله) معادلة متقدمة من الناحية السياسية الداخلية، لن تكون لمصلحتها فقط، بل لمصلحة كل أبناء الشعب اليمني ومكوناته أيضاً، وفي أساسها لوحدة اليمن.
وستكون هناك سلطة قوية ذات سيادة على قرارها وأرضها، قادرة على إدارة البلاد وعلى استغلال ثرواتها لكل أبناء اليمن؛ سلطة قادرة على الوقوف بوجه كل الدول موقف الند للند، من موقع السيادة واحترام حقوق الدول ومصالحها؛ سلطة غير مرتهنة، يتقاسم أبناؤها إدارتها ومواقعها بعدالة وبمساواة، سلطة قادرة على إعادة تنظيم اليمن وتطويره، وتجاوز مآسي الحرب وآثارها. هذا الأمر طبعاً لن يكون لمصلحة السعودية التي لطالما رأت في اليمن تابعاً أو فرعاً مرتهناً.
ثالثاً.. ماذا يربح محور المقاومة..؟